دقيقتان

الثبات هو الذي يميّز بين الفائزين والراغبين في التمثّل بهم. إذ يُحْدِث الاجتهاد الفرق بين عظماء الزمان والذين لا يحرزون نجاحًا إلاّ مرةً واحدة فقط. لا يحصل على الفوز في السباق العدَّاء السريع أو القويّ، بل من يثابر حتى النهاية. فاستجمع قواك، وانفض الماضي عنك. ضع قدمًا أمام الأخرى، وافعلها مرة أخرى. عندما تسمع صوتًا يقول إنه ما مِن أحدٍ يؤمن بك، وإنك متخلِّف كثيرًا في السباق، وإن ما تفعله لا ينجح، وإنه لا يستحق المحاولة، استمع إلى الصوت الذي يذكّرك بأن نفس القوة، ونفس القدرة، ونفس الروح التي أقامت المخلّص من قبر مستعار حية ونشطة فيك الآن. ويستطيع نفس الإله الذي أنقذك من الأسد والدب أن ينقذك من هذا العملاق الجديد وسيُسْلِمه إلى يديك، وسيفعل ذلك. فخُذْ موقفك، وكما استخدمتَ أسلحتك ببراعة في المرة الأخيرة، قم وافعلها مرة أخرى. فقد سبق أن خضتَ هذه المعركة. وليست المعركة معركتك، بل معركة الرب. وما دام قد نَصَرَكَ يومًا، فثِقْ بأنه سيفعلها ثانية. فيسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد. وباسمه لن يوقفك شيء. لكن نوال هذا الوعد يتطلب مثابرةً.

يكون صعبًا في بعض الأحيان أن تواصل التحرك – عندما لا تستطيع أن ترى تقدُّمك، وعندما تفقدُ منظورك، وعندما يدفعك الألم إلى نقطة الانهيار. لكن هذا ليس وقت الاستسلام، لأن نهاية نفسك أو إفلاسها هي بداية عمل الرب. ولهذا أصلحْ نقطة تركيزك، واستجمع شجاعتك، وحرِّك ثقتك، وافعلها مرة أخرى. ثبّت وجهك مصممًا ومعلنًا: سأفعلها مرةً أخرى. وعندما لا يكونُ الأمر منطقيًا، سأفعلها ثانية. وعندما أحس بأن الأمل اختفى من الأفق، سأفعلها ثانية. وبعد أن انتظرت المطر من دون أن ترى أية غيوم، انظر مرة أخرى. ربما تكون الغيمة صغيرة، لكن ما هو قليلٌ كثيرٌ عندما يكون الله فيه.

ستفوز إ ذا لم تستسلم. وبعد أن دُرْتَ ست لفّات وما زالت الأسوار قائمة، دُرْ مرة أخرى. فأنت أقرب مما تظن. أنت أقرب من أي وقت مضى. فواصِلِ المسير. ثابر إلى أن يحدث شيء. صلِّ حتى يتغير شيء. اضغط إلى أن ينكسر شيء. قل في نفسك: مهما كلّف الامر، ومهما بلغت التكلفة، وبغضّ النظر عما يقول الآخرون، ومن دون النظر إلى مشاعري، سأكمل هذا إلى أن يأتي ملكوت الله وتكون مشيئته في حياتي. وها أنا أترك كل عذر ورائي. وأنا آخذ في التحول بتجديد ذهني. وها أنا أحمل صليبي تابعًا ذاك الذي قال لي: “لا أتركك ولن أهملك.”

يسوع معك دائمًا. لقد أتى وانتصر. مات وقام ثانية. وهو الآن يدعوك، ويأمرك بأن تتوقع مرة أخرى، وأن تحارب مرة أخرى، وأن تقوم مرة أخرى.

فارس أبو فرحة